أحمد عباس
أحمد عباس


المؤلفة جيوبهم

أحمد عباس

الأحد، 12 مايو 2024 - 09:26 م

ماذا يحدث هناك على مقربة!

الصور بدأت تتوافد من كل مكان تتطاير على الانترنت بخفة الريشة، يتلقاها هذا فينفخها فتطير هناك ويستقبلها آخر فيضيف عليها ويقذفها إلي شخص آخر يضفي عليها وجهة نظره ثم تصل الي ذاك وهكذا تدور اللعبة، بالفعل هي لعبة لا أكثر، من جاء إلي الدنيا في الثمانينيات وما قبلها شهد هذه اللعبة تدار من قبل مرات ومرات، لا جديد فيها أو تغيير وحتى بعض الوجوه هي هي بذاتها الفارق الوحيد فيها أن أصحابها أعمارهم زادت وشعورهم ابيضت ونبرتهم غدت اكثر رصانة في الصوت فقط لا في المنطق، وحناجرهم انتفخت بفعل تأثير الكلام كأن مهمتهم صارت انتاج الكلام، يعني لاشيء مستجد أكثر من أنهم تحولوا لماكينات لانتاج الكلام.

يقول أحدهم إن الدين هو ما جاء به القرآءن الكريم فقط وأن السنة ماهي إلا من "عنديات" يعني تم جمعها من عند التابعين وتابعين التابعين ولا الزام على المسلمين الا بما نزل به الكتاب الكريم، فيرد حكيم آخر - حيث الكل صار حكيمًا- بان هذا انكار للسنة النبوية المشرفة وانه اجتزاء للدين من الدين وهذا تسطيح بائن وخبيث من أصحاب الكروش الضعيفة، ويرد الذين أوتوا من العلم إلا قليلا بان العمائم تحولت إلي غمائم تعمي العين وتطمس العقل والجميع يتكلم فقط بلا هوادة.

لكن تعرف شيئا.. انا ارى الامور من زاوية أخرى حيث أصبحنا بلا نخب حقيقية والنخبة هي نخبة العوام من الناس، والعوام يلهون ويعبثون ليل نهار على مواقع التواصل الاجتماعي يصنعون الريتش والفولو الشير واللايك بينما النخبة تلهث خلفهم لتعجبهم وتجذبهم وتجني من وراءهم مليارات السنتات - جمع سنت- بالعملة الخضراء، وتبتغي رضا رجال الأعمال والرأسمال وما يغني عن السؤال وهكذا، العوام يكدحون ويصنعون المال والنخبة تجنيه بهكذا سهولة، أي استغلال هذا والله أنا أسأل بحياد وحذر.. هل صارت المسألة مجرد انتاج للكلام أم أصبحنا في ماكينة عملاقة لتدوير الجهل والحماقة.

أما الزخم كله فلدى هؤلاء الذين يختبئون تحت حساباتهم الالكترونية من المفكرين العوام الذين يصنعون القضايا الهامشية جدا ليطير خلفها الجهلاء، المثقفون لا يهمهم الحقيقة ولا المضمون بل تقودهم الحسابات البنكية، لا استنكر ابدا ان يبحث الناس عن مصالحهم الشخصية وان يصير الناس اغنياء ومترفين حبذا، لكن اخطر لعبة يلعبها هؤلاء هو تسليع الفكرة اي تحويل الفكرة والمنطق والقضية لسلعة تباع وتشترى وتكون اداة للكسب، فان احلوه هم فهو والله يقع تحت طائلة الحرام، ايحب احدكم ان يأكل عقل اخيه جهلا! 

ثم أقول لك شيئا.. انا واحد من العوام واحب ان اكون كذلك من الحرافيش وملح الارض واعرف كيف يفكرون، الحرافيش أمثالي لا يهمهم إن كانت الزجاجة الخضراء لمشروب روحي او فنيك، ولا يعنيهم الخلاف حول مآلات تنقية التراث أوحسم القضايا الخلافية من عدمه، الحرافيش يعرفون الدين بالقلب ويمنطقون النظرية بالممارسة ويدخرون جهدهم لصراعات تهمه أكثر وينفقون باقات الانترنت للتسلية لا للتعلم بعد ان فقدوا الامل في نخب حقيقية تتكلم بلغة يفهمونها، الحرافيش صدقني يفهمون أكثر والسلام على الغلابة والزغابة والديابة وطوبى لأصحاب الكروش والقروش والمؤلفة جيوبهم.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة